سورة النمل - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النمل)


        


{طس} قال ابن عباس: هو اسم من أسماء الله تعالى، وقد سبق الكلام في حروف الهجاء. {تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ} أي: هذه آيات القرآن، {وَكِتَابٌ مُبِينٌ} أي: وآيات كتاب مبين. {هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} يعني: هو هدى من الضلالة، وبشرى للمؤمنين المصدقين به بالجنة. {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}. {إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ} القبيحة حتى رأوها حسنة، {فَهُمْ يَعْمَهُونَ} أي: يترددون فيها متحيرين. {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ} شدة العذاب في الدنيا بالقتل والأسر ببدر، {وَهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأخْسَرُونَ} لأنهم خسروا أنفسهم وأهليهم وصاروا إلى النار.


{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ} أي: تؤتى القرآن وتلقن {مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} أي: وحيا من عند الله الحكيم العليم. قوله عز وجل: {إِذْ قَالَ مُوسَى لأهْلِهِ} أي: واذكر يا محمد إذ قال موسى لأهله في مسيره من مدين إلى مصر: {إِنِّي آنَسْتُ نَارًا} أي: أبصرت نارًا. {سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ} أي: امكثوا مكانكم، سآتيكم بخبر عن الطريق، وكان قد ترك الطريق، {أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ} قرأ أهل الكوفة: {بشهاب} بالتنوين، جعلوا القبس نعتًا للشهاب، وقرأ الآخرون بلا تنوين على الإضافة، وهو إضافة الشيء إلى نفسه، لأن الشهاب والقبس متقاربان في المعنى، وهو العود الذي في أحد طرفيه نار، وليس في الطرف الآخر نار. وقال بعضهم: الشهاب هو شيء ذو نور، مثل العمود، والعرب تسمي كل أبيضٍ ذي نور شهابًا، والقبس: القطعة من النار، {لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} تستدفئون من البرد، وكان ذلك في شدة الشتاء. {فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} أي: بورك على من في النار أو من في النار، والعرب تقول: باركه الله وبارك فيه، وبارك عليه، بمعنى واحد. وقال قوم: البركة راجعة إلى موسى والملائكة، معناه: بورك في من طلب النار، وهو موسى عليه السلام، {وَمَنْ حَوْلَهَا} وهم الملائكة الذين حول النار، ومعناه: بورك فيك يا موسى وفي الملائكة الذين حول النار، وهذا تحية من عند الله عز وجل لموسى بالبركة، كما حيا إبراهيم على ألسنة الملائكة حين دخلوا عليه فقالوا: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت. ومذهب أكثر المفسرين أن المراد بالنار النور، ذكر بلفظ النار لأن موسى حسبه نارا، و{من في النار} هم الملائكة، وذلك أن النور الذي رآه موسى كان فيه ملائكة لهم زجل بالتقديس والتسبيح، و{من حولها} هو موسى لأنه كان بالقرب منها، ولم يكن فيها. وقيل: {من في النار ومن حولها} جميعًا الملائكة. وقيل: {من في النار} موسى و{من حولها} الملائكة، وموسى وإن لم يكن في النار كان قريبًا منها، كما يقال: بلغ فلان المنزل، إذا قرب منه، وإن لم يبلغه بعد. وذهب بعضهم إلى أن البركة راجعة إلى النار. وروى مجاهد عن ابن عباس أنه قال: معناه بوركت النار. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: سمعت أبيًّا يقرأ: أن بوركت النار ومن حولها، و{من} قد تأتي بمعنى ما، كقوله تعالى: {فمنهم من يمشي على بطنه} [النور- 45]، و{ما} قد يكون صلة في الكلام، كقوله: {جندٌ ما هنالك} [ص- 11]، ومعناه: بورك في النار وفيمن حولها، وهم الملائكة وموسى عليهم السلام، وسمَّى النار مباركة كما سمى البقعة مباركة فقال: {في البقعة المباركة}.
وروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن في قوله: {بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ} يعني قُدس من في النار، وهو الله، عنى به نفسه، على معنى أنه نادى موسى منها وأسمعه كلامه من جهتها كما روي: أنه مكتوب في التوراة: *جاء الله من سيناء، وأشرف من ساعين، واستعلى من جبال فاران* فمجيئه من سيناء: بعثة موسى منها، ومن ساعين بعثة المسيح منها، ومن جبال فاران بعثة المصطفى منها، وفاران مكة. قيل: كان ذلك نوره عز وجل. قال سعيد بن جبير: كانت النار بعينها، والنار إحدى حجب الله تعالى، كما جاء في الحديث: «حجابه النار لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه» ثم نزه الله نفسه وهو المنزه من كل سوء وعيب، فقال جل ذكره. {وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.


ثم تعرف إلى موسى بصفاته، فقال: {يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} والهاء في قوله: {إِنَّهُ} عماد، وليس بكناية، وقيل: هي كناية عن الأمر والشأن، أي: الأمر والشأن، أي: المعبود أنا.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8